عندما بدأنا العمل على تغطية موضوع الحيوانات الأليفة في الدوحة، كنا نعرف أن الملاجئ وجمعيات الحيوان ستشكل جزءً أساسياً من تغطيتنا في وقتٍ ما، لما لهذه الأماكن من دورٍ حيوي في تشكيل الاستجابة لمشاكلٍ مثل الحيوانات المشردة أو التي تم التخلي عنها، ولحفظ أمن وسلامة سكان مجتمعٍ من المجتمعات.
لا تخلو المدينة بالطبع من هذه الملاجئ، التي تختلف بين بعضها من حيث السعة وطبيعة العمل، وعلى هذا الأساس قررنا زيارتها والتعرف عن كثب على واقعها وما تمر به، لنجد أن هذا المشهد أعقد مما تصورنا في البداية وبأن الصعوبات تبدو القاسم المشترك في كل حكاياته.
ملجأ واحد وعدة حكايات
يقع ملجأ QAWS، أو جمعية قطر لرعاية الحيوانات، في قرية السهلة الشمالية، بعيداً عن ضوضاء المدينة وصخبها. وبعد الظهيرة، وإذا كان الطقس إلى جانبك، ستحظى هناك بتجربة هادئة تختلف عما تحظى به في يومك المعتاد داخل الدوحة.
قد يكون هذا المشهد خادعاً، وقد يوحي للقارئ أن حكاية الملجأ جرت على نفس الإيقاع الهادئ، ولا يمكن للواقع أن يكون أشد اختلافاً. فبعد نجاته من حريقٍ وفيضان ومشاكل قانونية، تبدو قصة جمعية قطر لرعاية الحيوانات تجسيداً لإرادة المتطوعين فيها وللصعاب التي تواجههم فيها الآن ذاته.
خلال زيارتنا للملجأ، تعرفنا على هذه الحكاية الفريدة عن كثب وعلى عمل الملجأ والتحديات التي تواجهه وقمنا بإيضاحها، عبر مقابلة مع جانيت، مديرة الملجأ، في هذا العرض البصري.
نقطة النهاية
بعد بداية عملنا على هذا المشروع، فوجئنا أن ملجأ 2nd Chance Rescue كان يغلق أبوابه، مرة واحدة وللأبد. شكل الخبر مفاجأة غير سارة للمجتمع، إذ يتمتع الملجأ بسمعة حسنة لدى المهتمين بالحيوانات الأليفة وكان واحداً من الوجهات المفضلة لمن يهتمون بالتبني أو التطوع لمساعدة الحيوانات الأليفة.
فبعد أن نشأ كمجهودٍ فردي من قبل السيد عبدالله النعيمي، تطوّر الملجأ واستطاع إيواء عدد كبير من الحيوانات المختلفة، موفراً الغذاء والأمان والرعاية الصحية للحيوانات، وصار جزءً هاماً من ثقافة الحيوانات الأليفة في قطر ووجهة مفضلة للمهتمين وطلاب المدارس والسياح. الخط البياني لتطور الملجأ كان يوحي بمزيد من الازدهار والنمو. ولذلك فإن إغلاقه المفاجئ والسريع شكل إحباطاً للعاملين في الملجأ وزاد من صعوبة المشهد المعقد أساساً، ولم يترك لنا مجالاً سوى تغطية فعالية خيرية نظمها القائمون على الملجأ لتوفير التمويل للاستجابة السريعة وحماية الحيوانات التي خسرت بيتها دون سابق إنذار. هناك، التقينا بباتريشيا بيليغريني، إحدى المنسقات في 2nd Chance، التي روت لنا ما جرى…
إلى من تلجأ الملاجئ؟
بعد إغلاق 2nd Chance وتعاظم الضغوطات على الملاجئ المتبقية، سيتبادر إلى الذهن سؤال واحد: لماذا لا تفتتح المزيد من الملاجئ؟ فبعد كل شيء، لا ينكر أحد الحاجة الماسة إليها وضرورتها ويبدو دائماً أن ثمة من يدعمون هذه الأفكار ويستعدون لمناصرتها عبر تخصيص الوقت والجهد والموارد المالية. في الواقع، يكمن جزء كبير من المشكلة في الهيكليات التنظيمية والتشريعات القانونية، فعلاوةً على أن الجمعيات الخيرية أو غير الربحية محدودة بأن تكون خدماتها موفرة للبشر حصراً، ثمة مشاكل تعلق بتسجيل الأراضي وترخيصها لهذه الغايات.
تعد نورا آل ثاني واحدة من الأصوات الأكثر دعماً للحيوانات الأليفة في قطر وأبرزها، وهي ناشطة ذات باعٍ طويل في هذا المجال، وتترأس منظمة Qatar Animal Rescue، التي تعمل في هذا المجال.
خصصت نورا بعضاً من وقتها لتطلعنا عن كثب على مجمل المشاكل التي تواجه منظمات رعاية الحيوانات والمعوقات التي تحد من فاعليتها وانتشارها. في هذه المقابلة الصوتية يمكنكم الاطلاع على ما قالته.
واقع ملاجئ الحيوانات الأليفة: بالأرقام
تعد الإحصائيات المتعلقة بالحيوانات الأليفة في قطر شحيحة، ولا تنال الاهتمام ذاته الذي نشهده في مجالات أخرى، ولذلك يصعب دراسة هذا الملف بدقة. جمعنا في هذا الملف بعض الأرقام والمعلومات ذات الصلة بالموضوع، اعتماداً على مصادر مختلفة لنحاول إمداد الصورة التي نرسمها بإطارٍ يوضح سياقها. تعتمد هذه المعلومات على عدد الملاجئ الموجودة الآن في قطر، ومواقعها، إضافةً إلى بعض المعلومات الهامة التي نعتقد أن معرفتها ضرورية فيما يتعلق بالحيوانات الأليفة الشاردة وسلوكها.
أين يتركنا هذا؟
لا ينكر أحد الإختلافات التي شهدتها قطر في مجال الحيوانات الأليفة ورعايتها، وهو ما تؤكده إحصائيات مختلفة، كنمو قطاع أغذيتها وظهور المنظمات التي التقينا ببعض أعضائها، لكن الحاجة والظرف العام يفوقان في تعقيدهما الجهود المبذولة على أهميتها.
تشارك من قابلناهم، رغم كل الإختلافات في قصصهم وتجاربهم، في بعض الآراء حول ما يمكن تحسينه أو تطويره. إذ يجمعون على أهمية توفير الغطاء القانوني أولاً وقبل كل شيء، لما يحدثه ذلك من تسهيلاتٍ في عمل المنظمات من جهة، وتشجيع المبادرات الفردية والجماعية التي يقوم بها المجتمع إن كان من الأهالي أو المقيمين من جهة أخرى.
أكثر من ذلك، يوضح حجم المشكلة أن مزيداً من الاهتمام الحكومي يمكن أن يلعب دوراً هائلاً في قلب كفة الميزان وخلق مساحة آمنة وإنسانية يمكن للحيوانات أن تشغلها وتعيش فيها. ولأجل الدقة، افتتحت الحكومة ملجأً خاصاً بها، إلا أن زيارته تعذرت علينا وكما فهمنا من مجمل الناشطين والمهتمين، فإن طلباتهم للزيارة قوبلت بالرفض. ولذلك، يمكن لشكلٍ مغاير من الاهتمام أن ينعكس إيجاباً على الحيوانات وعلى السكان في الوقت ذاته. ونأمل أن يلعب هذا الملف دوراً ليس فقط في تسليط الضوء على ما جرى حتى الآن وحسب، بل على ما يجب أن يجري ويتغيّر في المستقبل.
Comments