زرع أول بذرة
تحدثنا مع "توري"، وهي واحدة من الفريق الأساسي لمنظمة پاوز ريسكيو والتي تقطن الآن في بلدها الأم بريطانيا بعد أن غادرت قطر قبل ثلاثة سنوات. بدأت توري بالحديث عن بذرة إنشاء الملجا التي غرستها امرأتين بريطانيتين "إيميلي" و "آليسون" بأول عملية إنقاذ قامتا بها. قامت إيميلي و آليسون بإنقاذ جميع الحيوانات الضالة المتعثرة في طريقهن وعلاجهم وجمع التبرعات ووضع إعلانات للمساعدة والتبني لإيجاد منازل حاضنة لهذه الحيوانات في الملجأ الصغير التي كانتا تديرانه. بدأت أعداد الحيوانات المنقذة بالتزايد، ولحسن الحظ تم إيجاد تبرع كريم من شيخ قطري قدم قطعة من أراضيه قريب منطقة الكثبان الرملية في قطر.
تعبر توري عن فخرها بهذا الملجأ، واصفةً معاييره العالمية وفساحة مساحته حيث كان الملجأ يستقبل العديد من الزوار والمتطوعين للعب مع الحيوانات والمساعدة في استحمامهم. ما ساعد تكوين هذه العلاقة القائمة على الثقة والاستحقاقية بين الملجأ والمجتمع هو كونه مبني خصيصاً لغرض أن يكون ملجأً، فكانت المساحات الداخلية فسيحة مع بيوت للكلاب بمساحة 5×6 أمتار، ومساحات خارجية شاسعة بمسار مخصص لتنزه الكلاب.
سعادة لم تدم طويلاً
ولكن لسوء الحظ، لم يدم نعيم جنة الحيوانات هذه لأكثر من عام وتم إخلاهم من الملجأ لأن صاحب الأرض أرادها لأغراض أخرى. وأفضل ما أمكنهم فعله لمواصلة هذه الجهود هو الانتقال إلى فيلا في الوكرة حيث يمكنهم استيعاب حوالي 40 كلب و70 قطة. على الرغم من أن القدرة الاستيعابية للمنشأة الجديدة أقل بكثير من الملجأ القديم إلا أن پاوز ريسكيو تواصل مساعدة تجمعات ومستعمرات الحيوانات في أماكن مختلفة في قطر.
تقوم توري برفقة آليسون وإيميلي وآخرون من الفريق الأساسي للمنظمة بمتابعة العمل عند بعد. ويقوم ثلاثة شبان مقيمون بشكل دائم في فيلا الوكرة بإدارة شؤون الملجأ وأعمال الإنقاذ والتبني والاعتناء بالحيوانات. ولا يخلو الأمر من وجود مساعدة مجتمعية من قبل فريق من المتطوعين والعائلات الذي يسخرون بعضاً من وقتهم للمساعدة في الاعتناء بالحيوانات.
ولكن أكثر ما يدعوا للأسف هو خسارة المساحة الاستيعابية للحيوانات والزوار لتقديم المساعدة والتنزه والتي انخفضت بشكل كبير بعد الانتقال لمنشأة سكنية غير مصممة لأن تكون ملجأ. عند المقارنة بين الملجأ القديم الذي كان يستوعب 200 - 250 كلب على سبيل المثال والملجأ الجديد الذي يستوعب 40 كلب، نجد فرقاً هائلاً في جدوى العمل.
المزيد من التحديات
تمثلت التحديات التي واجهت ملجأ پاوز ريسكيو -مثل غيره- في جمع التبرعات الكافية للاعتناء بالحيوانات خاصة عند تزايد الظاهرة الوحشية بإطلاق النار على الحيوانات الضالة. تعزي توري سبب انتشار هذه الظاهرة وزيادة أعداد الحوادث إلى غياب تطبيق قانون يمنع حدوث هذه الجرائم. "من أمن العقاب، أساء الأدب" عبرت توري واصفة جرأة الأشخاص الذين يطلقون النار على هذه الحيوانات البريئة في وضح النهار.
تقول توري أن في عصر الملجأ القديم كان لديهم في جميع الأوقات على الأقل 100 كلب أو قطة مع عائلات حاضنة "فوستر". أما الآن فيوجد تقريباً 4 كلاب فقط مع عائلات حاضنة، وهذا فرق شاسع وخطير بالنسبة لمشهد ثقافة التبني والحضانة للحيوانات الضالة في قطر.
تعتقد توري أن سبب هذا التغير يرجع إلى سببين محتملين وهما فايروس كورونا وكأس العالم. ساهمت أزمة العمل وفقدان الوظائف التي سببها تفشي فيروس كورونا بتخلي الأشخاص عن حيواناتهم ،أو منع آخرين من أخذ القرار بتبني أو حضانة هذه الحيوانات لأن تربية أي حيوان في قطر يعتبر خطوة مكلفة مادياً.
أما كأس العالم فساهم في ارتفاع تكاليف الإيجارات السكنية وفرض قوانين تمنع تربية الحيوانات في المباني والشقق السكنية مما أدى بطبيعة الحال لصعوبة اقتناء وتربية الحيوانات الأليفة.
تتمنى توري أن يتحسن واقع الحيوانات الضالة الأليم في قطر وفي العالم، لأن هذه الأرواح البريئة لا تستحق إلا أن تجد بيوتاً آمنة تحتضنهم.
Comments