نسمع الكثير عن جهود فردية ومؤسساتية في مجال الرفق بالحيوان من إنقاذ وإيواء وتبني ورعاية وعلاج في قطر، ولكن بطل قصتنا اليوم قطع شوطاً طويلاً لعله يتعدى أن يتم وصفه على أنه إمكانيات أو جهود فردية. بطلنا حمد الانصاري البالغ 50 عاماً، وهو ضابط شرطة قطري متقاعد من وزارة الداخلية، بدأ في خط حكاية إنجازه في هذا المجال منذ خمس سنوات.
ميلو الناجي
في يوم اعتيادي في حياة حمد في بدايات عام 2018 وهو في طريقه إلى العمل، وجد قط ضال يبقى في نفس المكان دائماً، بدأ حمد في إطعام القط يومياً في مشواره إلى العمل. قام حمد بالاعتناء بهذا القط لمدة عام كامل، ألِف القط وألِفه القط. بعد أن توطدت علاقة حمد بهذا القط وأصبح جزءاً من روتينه اليومي، تفاجأ حمد بإيجاد القط مدهوس بشكل وحشي تملؤه الكسور والدماء. أسرع حمد بالقط إلى العيادة البيطرية لإنقاذ القط واتضح أن لديه كسور في الوجه والفك والأطراف وقد أصابه العمى. منذ ذلك اليوم، أخذ حمد على عاتقه أن يتبنى هذا القط، فأسماه ميلو، وافتتح له صفحة "ميلو الناجي" "Milo the survival"على منصة انستجرام ليوثق رحلة تعافيه.
مساعدة رقمية
تفاعل الناس مع قصة ميلو ألهمت حمد لإنشاء مجموعة "فريق إنقاذ مملكة الحيوانات" "Animals Kingdom Rescue team" لتطال المساعدة أكبر قدر من الحيوانات الضالة.
وسرعان ما انتشرت هذه المجموعة ليصل عدد مشتركيها 5 آلاف من المتطوعين والمتبرعين والأطباء البيطريين وأصحاب العيادات والصيدليات البيطرية ومساعدين في لوجستيات إنقاذ الحيوانات كالسائقين. يتم نشر حالات الحيوانات الضالة التي تحتاج إلى مساعدة ويتم توزيع المهام حسب جغرافية المتطوعين في قطر.
الملاذ الآمن
لم يتوقف عطف حمد فقط منذ إنقاذ ميلو قبل خمس سنوات، بل حقيقة الأمر أن حمد استمر في الإنقاذ إلى ان وصل عدد الحيوانات الموجودة في بيته حوالي 65 قط إنقاذ يأويهم حمد في الباحة الخلفية لمنزله حيث الشمس والهواء الطلق والعشب والألعاب، وخصص الباحة الأمامية لحوالي 12 كلب إنقاذ وغابة مصغرة تحوي حوالي 300 ببغاء عدا عن 12 قطة منزلية. أسس حمد صيدلية منزلية للاعتناء الدائم بهذه الأعداد الكبيرة من الحيوانات ويقوم شخصياً بالاعتناء بهم بمساعدة ست عمال وعاملات منزليين وهنا فنحن لا نبالغ عند وصف بيت حمد بجنة الحيوانات.
بعد خمس سنوات من الإنقاذ والرعاية بالحيوانات الضالة، لم يعد المجهود الذي يقضيه حمد من أجل هذه الحيوانات متعباً، فأصبح هذا روتيناً يومياً مصحوباً بشغف مستمر لتقديم حياة أفضل لمخلوقات "مسكينة" كما وصفها، خاصة بعد خروجه على المعاش ووجود وقت فراغ أكبر من السابق.
يد واحدة لا تصفق
يأمل حمد للعمل المشترك مع الحكومة، فعلى الرغم من إقراره ببوادر حكومية في اتجاه الارتقاء بواقع الحيوانات الضالة في قطر مثل إنشاء ملجأين حكوميين للإيواء والرعاية، إلا أنه لا يعتقد أن هذه الجهود تمشي بوتيرة منسقة كفاية لاستيعاب الحيوانات الضالة والحاجات الوطنية لتحسين وضع قطر في مجال الرفق بالحيوان.
لطالما حلم حمد في إنشاء جمعية مسجلة ومعترف بها قانونياً على عكس الملاجئ الخاصة الموجودة حالياً، وهو فعلاً في صدد التعاون مع الجهات الحكومية وتوثيق الأوراق القانونية اللازمة مع البلدية والجهات المعنية للإنشاء هذه الجمعية. وبعد عدة اجتماعات مع المسؤولين قام بها حمد بالضغط على الجهات الحكومية وجعل كأس العالم والنقلة النوعية التي تتوقعها قطر مع كأس العالم حجة للحصول على الموافقة والتسجيل القانوني، حصل حمد على وعود بالموافقة على هذا المشروع بعد كأس العالم بتقديم الأرض والكادر طبي اللازم لتحقيقه.
توصيات
في ظل ارتفاع عدد حوادث الإساءة للحيوانات الضالة من دهس وتعذيب وإطلاق نار والتي وصفها حمد على أنها حوادث فردية مؤلمة، يشجع حمد من يشهد على هذه الحوادث بالحصول على أدلة والتقدم بالشكوى لمراكز الشرطة لأخذ الإجراءات القانونية اللازمة التي تتجلى في الاستدعاء والتحقيق والتحويل إلى النيابة والمحاكم وسحب السلاح.
Comentários